ماهية الفينغ – شوي
إن
أصل الكلمات الصينية “فينغ” و “شوي” تعنيان: “الريح” و “الماء” فهذا
المصطلح الفني – الفلكلوري بدأ أصلاً من الإحساس بأهمية الرياح والماء،
وبالتالي من دور المحيط والبيئة الطبيعية الفعال في الحياة. فالمصطلح يعبر
عن المكان وتاريخه وخصائصه, فالفنج شوي يعتمد على مقومات بسيطة تساعد على
تكوين المكان وتجميله ويفترض هذا الفن بأن الوسط والمحيط السيئ يؤثر
تأثيراً سيئاً على علاقتنا المتبادلة مع هذا الوسط ويلحق الضرر بها, الا
تلاحظ انك تجد الراحه في الجلوس في اماكن محدده من منزلك او غرفتك وتتضايق
من الجلوس في اماكن اخرى!! الم تسأل نفسك لماذا ؟ ( مرحبا بك فالفنج شوي )
وتعود جذور هذا الفن – الاعتقاد إلى حوالي ثلاثة آلاف عام، لكنه تطور وبدأ
يصوغ بشكل ملموس فلسفته الجمالية في القرن السادس الميلادي, وما زال يتطور
ويعيد صياغة مفاهيمه وأسسه وافتراضاته ومناهجه، حتى أصبحت للفينغ – شوي
مدارس ومناهج متعددة، وأبرزها المدرسة الرسمية أو الشكلية التي تركز على
الحواس وتعتمد على استخدام الحاسة البصرية وعلى خصائص الأشكال والألوان,
وإيجاد تفسيرات لها, كما يتم البحث في سلبياتها وإيجابياتها.
• مدرسة البوصلة
المدرسة
الهرمية في علوم الفينغ – شوي تركز على البوصلة والهرمية وتجعل من الشكل
الهرمي والجبل مفتاحاً لتفسيرها وتحليلها للعلاقة مع المكان والمحيط
المادي، والافتراض الأساسي في المدرسة الهرمية يكمن في أن الجبل هو المكان
الملائم للسكن، كما تعتبر هذه المدرسة أن الماء هو أساس الحياة وهو قاعدة
الهرم ومن بعده, يأتي التراب “الأرض” وهو بمثابة منزل الإنسان الواقي, وتضع
حدوداً لمسار الحياة اليومية.
وينبثق عن الماء والتراب عالم النبات،
يعلوه مملكة الحيوان، ويأتي في القسم العلوي الإنسان، ومن ثم في قمة الهرم
تتركز الأسرار والمجهول، وهذا هو الافتراض المتخيل لهرم الحياة
الهرم ودلالة الجبل
وتقول
الفرضيات هنا: “بما أننا جزء صغير من المجموع الكلي في هذا العالم, يتوجب
علينا احترام المكان الذي نحتله وأن نعتبره هبة عظيمة تتطلب منا الحب
واللطف والحماية…”
العناصر المكونة للفينغ – شوي وتحليلها وهي:
*الداو
او التاو او الطاو - الطريق إلى الوحدة- ، ويشير إلى السمات المكونة
للوجود الإنساني ووحدته العضوية مع العالم المحيط من نبات وجماد، والتقيد
بمفهوم الداو يعني الاحتفاظ بعلاقة وثيقة مع البيئة المحيطة.
*الين – واليانغ
وهو
شكل من أشكال وحدة الأضداد، حيث يعبر الين عن الطاقة المؤنثه واليانغ عن
الطاقة المذكرة وبهما تتولد طاقة الحياة . إذ تستخدم هذه التضادات عملياً
لتحقيق أفضل السبل لتحسين وتجميل المكان – المنزل. فعلى سبيل المثال يمكن
تفعيل ثنائيات الين / يانغ..
بالالوان فاتحة (يانغ ) / ألوان الغامقه (ين )
رطوبة
(ين) / جفاف (يانغ )في المكان ـ الحيز، وبالتالي زيادة يانغ أو نقصان
الينغ في نفس المكان والحيز يشكل مفتاحاً لإدخال بعض التحسينات على المكان،
اعتمادا على الثنائيات المتضادة: جدران عارية / مجموعة رفوف، وهكذا…
* تشي أي طاقة الحياة
وجوهر
هذه الفكرة تعتمد على افتراض بوجود طاقة داخل الكائنات الحية لا تتوفر في
الجمادات، لذلك تساهم هذه “الطاقة الحيوية” في تحريك وإنعاش المكان ـ الحيز
الجامد, وهي جرعة يمكن زيادتها أو نقصانها في المكان ليزداد حيوية أو
جمالاً، كإضافة النباتات إلى منزل ما، أو نقصانها في الحديقة وهكذا.
وكيفية
جعل بعض الزوايا الهادئة التي تفتقر إلى تشي أكثر احتواء على الطاقة
الحية, وبعضها الآخر تضج بالحركة غير المرئية يمكن نقصان الطاقة الحيوية
“تشي” فيها.
تشي عبارة عن الطاقة الحيوية. فجميع الأماكن المخصصة
للحياة والعيش فيها, تحتاج لوجود عنصر تشي, وتحديد الكمية اللازمة منه
متعلقة بالظروف الوظيفية لكل غرفة. إن نقصان عنصر تشي يدل على الجمود,
وتساهم زيادته في نشر الفوضى, يجب أن يتحرك عنصر تشي, في المنزل, بحرية
وسلاسة بدون قسر, أي يجب أن لا يصطدم بأية عوائق.
فإذا كان
الوصول إلى العناصر الوظيفية الأساسية في الغرفة أو المكان محاصراً, عندها
يترتب علينا إزالة هذه المعيقات. إذا كان عليك أن تحشر نفسك بين الأشياء
الموجودة في الغرفة, لكي تجلس أو لكي تنهض من وراء الطاولة, هذا يعني ان
الطاقة او التشي محتبسه في هذا المكان و يتطلب منك تحريرها وجعلها تتحرك
بسهولة عن طريق زحزحة قسم من قطع الأثاث التي تسد الطريق. إن أكثر ما
يجذبنا ويثير اهتمامنا, هو نوعية عنصر تشي الموجود لدى الناس وفي الأشياء
وفي الأمكنة… إن عنصر تسي… شبيه بالدم الذي يجري في عروق أجسامنا, فهو قوة
حيوية تدور في أماكن السكن والبيئة بشكل عام . أفسحوا مجالات أرحب من أجل
حركة تسي في منازلكم عندها تحصلون على مكافأة لقاء ذلك, وتتجسد المكافأة في
إحساسكم بالمعنويات المرتفعة وبالحماس وبالثقة بالنفس, فوجود جدار أصم عند
مدخل المنزل مباشرة, يمكن أن يسد الطريق أمام عنصر تسي ويبعده عن أماكن
السكن االايجابيه.
*أما العناصر الخمسة للفينغ – شوي
فهي النار, التراب, المعدن, الماء, الخشب/ الشجرة، ومن خلال التفاعل
الإيجابي بين هذه العناصر ونتيجة لتفاعل خصائص كل منها مع الآخر يتم التوصل
إلى تشكيل متوازن وجميل للمكان / المسكن.
علما أنه ثمة تركيز كبير في
هذا الفن على الأحاسيس: حاسة البصر والسمع والشم، وحاسة اللمس، كما تولي
المدرسة الهرمية للفينغ – شوي أهمية خاصة للتفسيرات الثقافية ولردود
الأفعال الفيزيولوجية تجاه ظروف ومؤثرات العالم الخارجي عبر الأحاسيس
جميعاً وخاصة حاسة البصر وتأثير الألوان, حيث لكل لون تأثيره النفسي
ودلالته الفنية ووظيفته وكيفية توظيفه حسب فن الفينغ – شوي، فاللون هو أساس
التفسير الثقافي للانفعالات، ومن البديهي أن التناول الثقافي لدلالات
الألوان مختلف من ثقافة إلى أخرى, ولكنه يوظف هنا حسب بعض الاعتبارات
العامة, مثلاً اللون الأحمر هو لون الدم ويرمز لتيار القوة والحيوية وإضافة
اللون الأحمر إلى مكان ما هو تأكيد على درجة عمق الحياة ويساعد على احتدام
المشاعر…
اللون الأزرق يرمز إلى الاستقلالية والميل إلى المغامرة، والأزرق الكحلي
يدل على الغموض والمساعدة على التأمل.
ومن
جهة أخرى يتم التأكيد على ضرورة الاستفادة من الأصوات والروائح وحاسة
اللمس, وبالتالي خشونة ونعومة السطوح وخواص المواد الظاهرية لإعادة ترتيب
وتجميل المكان.
*الحلول :
إن الحلول تبدأ من التشخيص
لسمات المكان والبحث عن العلاقات غير المتوافقة بين عناصر المكان، المسكن,
المكتب, الشارع, الساحة. ومن ثم تقديم اقتراحات لتعديل إحداثيات المجسمات
من أثاث (أي تغيير اماكن الاثاث أواضافة بعض الاشياء كالشموع والنباتات او
ازالة بعض العناصر المعيقة كطاولة تسد الطريق ) وغيرها من العناصر المكونة
للمشهد البصري الداخلي والخارجي، بناءً على القواعد والأسس التي تقدمها
الفينغ – شوي، وهي جميعها تمت بصلة إلى فنون الديكور والتشكيل. وربما ما هو
خاص بهذا الفن ومميز هو التشخيص المعتمد على الجيولوجيا والتكوين والاتجاه
وكذلك التشخيص المسمى بالسهام الخفية.
أما بالنسبة للجيولوجيا المكونة
للمكان فهي صيغة جنينية لعلوم البيئة المؤثرة على العمران والبناء، فقد كان
أوائل رواد هذا الفن في الصين القديمة يعرفون بالأطباء الذين يعالجون
بالقوة الحيوية, وكان هؤلاء الأطباء يختبرون تربة المكان الذي سيبنون فوقه
بيت المستقبل بناءً على التركيب الحمضي أو القلوي للتربة والترسبات
المعدنية وكثافة الصخور, ويحاولون الابتعاد عن تربة المستنقعات، أو تقديم
حلول لها عند ضرورة التشييد فوقها، على أساس أنه قبل ترتيب الوضع الداخلي
للمنزل يجب التأكد من صحة وسلامة وسلاسة المحيط البيئي وبالتالي حسن
جيولوجية المكان.
* السهام الخفية
أما
اللافت في هذا الفن هو الافتراض بوجود سهام خفية تنبعث من الأشكال
المعمارية والأثاث، هذه السهام الخفية تثير أشياء صغيرة في النفس، وربما
بعض هذه الأسهم التي تنطلق من المجسمات تثير الإنسان بقوة وتسبب له
العصبية، وبالتالي لها تأثير ضار على نفسية الإنسان وحسن أداءه لعمله.
السهام
الخفية هي افتراضا عبارة عن خطوط غير مرئية لطاقة المكان الحيوية “تسي”
المنبعثة من زوايا الأجسام المصنعة، وهي بصورة أو أخرى تشبه نظرات الإنسان
الخاصة والمثيرة إلى غيره، ويجب تحاشيها لأنها تثيره. ( الا تثار حفيظتك
عندما تجد احد يحدق فيك بدون سبب !! هذا التحديق مثل السهام الخفية التي
تنطلق من عين الشخص المحدق لتثير الضيق لديك )
أي هذه السهام الخفية
الموجودة في زوايا البناية أو الأشياء الضخمة من يافطات وخطوط الأسقف
الحادة الموجهة إلى الإنسان، فمن الممكن أن تجلب له أضرار بدنية “رضوض او
كدمات” أو نفسية “تأثيرات ومشاعر حادة”.
فالسهم يخرج عادةً من زاوية
حادة وثابتة كزاوية الطاولة مثلا, وكثرة تكرار هذه الأسهم الخارجية من
الأثاث سوف تتراكم في جسم الإنسان مخلفة طاقة سلبية باطنية, وهي مسألة جدية
يجب أخذها بعين الاعتبار،